تقرير وإعداد : منى نعلاوي
تصوير : محمد شاهين
مونتاج : محمد الجبر
في لحظة واحدة تغير المصير ، في دقائق معدودة كتبت أقدارهم جان ومجني عليه ، في مساء يوم الأحد 5 / 9 / 2021 رسم الموت طريقه لينهي حياة طفل لم يكمل سنواته العشر ، والفاجعة الأكبر هو أن القاتل أيضا طفل لم يتجاوز 12 عاما من عمره ، في العاصمة عمان منطقة ماركا استفاقت عائلة جميل علي فليفل ابن 9 سنوات على صدمة مقتله على يد صبي يكبره فقط بعامين ، واقعة أليمة تركت خلفها علامات استفهام وتساؤلات تلخصت في مصطلح كثيرا ما يتم تداول في مجتمعاتنا في الآونة الأخيرة وهو " التنمر " أي الاستقواء وخاصة بين الأطفال ، الكارثة الأكبر هي أنها أصبحت أسلوب حياة اعتمده الكثيرون في تربية أبنائهم ، والنتيجة جيل متخبط ومشتت ينظر إلى السراب والوهم والأفكار المغلوطة وكأنها المسار الصحيح في الحياة ، وهذا ما كان سببا في مأساة عائلة الطفل فليفل المكلومة بفقدانه قتلا على يد آخر من عمره تقريبا ، والسؤال هنا ؛ هل ستنجو مؤسساتنا الأسرية والتعليمية بجيل قادم ينأى عن مستنقع الجهل والعدوانية التي تزرع في نفوس أولادنا ، حتى لا نخسرهم في القبور والسجون ، كانت في موقع الحدث مسرح الجريمة لتسلط الضوء على أغرب قضية عاشها الشارع الأردني ، لتنفرد بتفاصيل مقتل الطفل جميل فليفل على لسان عائلته والتي تعيش صدمة لا تستطيع تقبل حيثياتها إلى هذه اللحظة ...
الرواية الأمنية :
توفي طفل ، الاحد بتاريخ 5 / 9 / 201 ، بعد أن تعرض لضربة قوية على رأسه من قبل طفل آخر في منطقة ماركا بعمان.
ويبلغ الطفل الذي توفي 9 سنوات ، و الطفل الذي قام بضربه 12 عاما.
وحضرت الأجهزة الأمنية إلى المنطقة لمنع حدوث أي مشاكل وخلافات بين العائلتين، في حين تم إسعاف الطفل إلى المستشفى لكنه وصل متوفيًا وفقا لمصدر أمني.
وبحسب المصدر ذاته فقد تم تحويل جثمان الطفل إلى الطب الشرعي لمعرفة أسباب الوفاة.
والدة الطفل المغدور " هددونا.
سهيلة ياسين والدة الطفل المغدور ابن التسع سنوات تسرد تفاصيل الحادثة المفجعة قائلة " في تاريخ 5 / 9 / 2021 يوم الأحد وبعد عودة ابني من دوامه المدرسي في الساعة الرابعة عصرا جلس بجانبي في المطبخ طالبا مني إطعامه ، وأخذ يحدثني عن مجريات يومه في المدرسة ، وبعدها خرج بهدف شراء بعض الاحتياجات من البقالة ، ولم تمض عدة دقائق حتى رأته شقيقته الواقفة على باب المنزل أمامها ملقى على الأرض في حالة سيئة جدا فصرخت في الطفل الآخر والذي شاهدته بعينها يلاحق أخاها وينهال عليه ضربا بالحجارة كبيرة الحجم محاولة إبعاده وهي في صدمة لما يحصل للمرحوم والذي كان يلفظ أنفاسه الأخيرة مشيرا إليها بيديه وعينيه دون أن ينطق ، و أخذ الجاني ذي 12 عاما يرد عليها بأسلوب مستفز قائلا " الله لا يقيمه " فاستنجدت بي بصوت هيستيري ، وعندما خرجت وجدته بهذا الوضع وما كان مني سوى أنني حملته ووضعته على الأرجوحة الموجودة في فناء المنزل ظنا مني بأنه ما زال على قيد الحياة ، وحاولت اتخاذ إجراءات معينة لإسعافه وإيقاظه كجعله يستنشق روائح معينة ليستفيق ، و لكن لا فائدة ، اتصلنا بالإسعاف ولكننا لم نقو على انتظاره ؛ فورا توجهنا به إلى المستشفى ، ولكن بعد فوات الأوان فقد كان متوفيا في هذه الأثناء ، ولدي مات بين يدي روحه الطاهرة خرجت وهو في أحضاني وأمام نظري ، كان جسده مليئا بالكدمات و علامات الضرب المبرح ، أهل الطفل القاتل وقبل يوم من الحادثة أرسلوا لنا تهديدات بأنهم سيلقون بابننا جثة هامدة أمام منزلنا وهاهم قد نفذوا ، نحن ليس لنا علاقة به وبعائلته ولكن هذا الولد كثيرا ما يتنمر على طفلنا بأساليب وألفاظ وأفعال سيئة جدا لدرجة أننا إن حاولنا الاعتراض يتطاول علينا هو و أسرته الرافضة ردع ابنها ، زوجي حتى هذه اللحظة لايصدق موت ولدنا ، ما زال تحت تأثير هذه المأساة و إلى الآن يبحث عنه ظنا منه بأنه في حلم وسينتهي ويعود ليراه أمامه ، كان أقرب أولادنا وأحنهم علينا صديق لي ولأبيه ".
عم المغدور " قضيتنا مسؤولية المؤسسات التعليمية بالدرجة الأولى "...
حمادة فليفل عم الطفل المغدور " المسؤولية في ما حصل مركبة ، فهي بالدرجة الأولى تقع على عاتق الأهل ، وثانيا المدرسة التي ينتسب إليها الطفل الجاني ، فالمرشد الاجتماعي الموجود فيها يجب أن يراقب سلوك الطالب العنيف وذلك من خلال التواصل مع أسرته ومعرفة دوافع تنمره على غيره حتى لا نصل إلى هذه المصائب ، نحن يجب أن نبحث في أسباب التقصير لتتم المعالجة ، عائلة الجاني هي منبع هذه الجريمة فهي الداعم الأساسي له في تنمره وعنفه وأفكاره المغلوطة وعدوانيته ، أما بالنسبة للشائعات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي تفيد بأن سبب الواقعة خلافات بين عائلتين أدت إلى قتيل وإصابات فهذا كلام عار عن الصحة ، فوالد المجني عليه بسيط جدا لا يعرف للمشاكل طريقا ، و هو الآن ما يزال تحت تأثير الصدمة ولا يستطيع تقبل حقيقة مقتله ، حتى أنه لم يقو على تغسيله ودفنه ، وعن علاقتي بأبناء إخوتي وخاصة المرحوم فتربطني بهم الألفة والصداقة والمودة ".
شقيقة الطفل المغدور " بموت أخي ضاعت أحلامي "...
نجوان فليفل شقيقة الطفل المغدور وهي ابنة 12 عاما والتي شاهدت أخاها يقتل بعينيها تروي ببراءة باكية تفاصيل ما حصل " أثناء وقوفي على باب المنزل رأيت أخي يركض هاربا باتجاهي في حالة سيئة خوفا من الجاني والذي كان يضربه ويلقي عليه بحجارة كبيرة ، حاولت إبعاده لألتفت إلى شقيقي وأراه ملقى على الأرض عاجزا عن التنفس والنطق ، وفجأة فقد الوعي ، فأخذت أصرخ وأستنجد بأمي التي جاءت مسرعة ؛ حيث فجعت بمنظره المأساوي ، وضعناه على الأرجوحة وحاولنا إيقاظه إلا أنه كان قد توفي ونحن لا نعلم وعلى الفور تم نقله إلى المستشفى وبعدها علمت بموته ، كانت أكبر صدمة عشتها ، بكيت على فراقه بشدة ، فقد كان دائما برفقتي في لعبه ودراسته وتفاصيل يومه ، وأنا أطالب بأن يعاقب قاتله ، فقد كان يضايقه سابقا ، تمنيت لو تضرر جسديا ولم يمت ، حلمت بأن أكبر وأعيش معه والآن ضاع كل شيء ".
عائلة الطفل المغدور " حاسبوا الجاني وذويه .. وإليك يا وزير التربية "...
طالبت عائلة المغدور بمحاسبة ذوي الجاني قبله لأنهم أهم أسباب ما حصل ، حيث أن أسرة المجني عليه مسالمة لا ترضى الإيذاء ولكن هذا حق ابنهم ، وقد عاشت أياما من الرعب قبل الحادثة جراء تنمر الطفل الآخر على ولدهم ، سواء في المدرسة التي تم نقله منها خوفا عليه أو في محيط المنطقة التي يسكنوها ، وكل ما حصل لولدهم المرحوم على حد قولهم مثبت بالكاميرات وبشهادة شقيقته التي رأت الواقعة بعينها وشهدت الاعتداء عليه ، المحاسبة حسب عائلة المغدور يجب أن تكون شاملة كاملة ، مؤكدين بأنهم لن يدخروا جهدا في تحصيل حق المرحوم ، وأضافوا أيضا بأنه تم أخذ عطوة اعتراف وبأنهم سيتخذون كافة الإجراءات القانونية لحفظ كرامة طفلهم الميت والمجتمع بأكمله ، الجاني ووالده تم إيقافهم ، وقد ناشدت عائلة فليفل أصحاب القرار كل في حدود صلاحياته التدخل لحماية مستقبل أبنائنا ، القضية الآن منظورة أمام المحكمة ، وهم مؤمنون بعدالة ونزاهة قضائنا في الأردن والذي هو في مصاف الدول التي تحافظ على حقوق مواطنيها تحت رعاية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، وقد وجه عم المجني عليه رسالة إلى وزير التربية والتعليم مفادها " أنت المسؤول عن كل ما يحصل في مدارسنا ، فمثلا ؛ المرشد الاجتماعي يجب أن يفعل دوره في مراقبة نفسيات وطبيعة عقليات الطلبة وسلوكياتهم والتعامل معهم بكل شفافية وموضوعية حتى لا نخسر أبنائنا قاتلين ومقتولين ".